أحب فلسطين ولكن…
ولكني لست ابنتها، لم تعبق رئتي بهوائها العذب يوما،
أحبها ولكن…
تثقلني أخبارها بالحزن والقلق والإحساس بانعدام الفائدة لها،
أحبها ولكن…
ولكني بعيدة جدا عنها جغرافيا بالرغم من قرب الروح منها،
أحبها ولكن…
ولكن عقلي لا يستطيع استيعاب حجم الشهامة والبطولة فيها،
أحبها ولكن…
ولكنني لا أستطيع التعرف على جميع كتابها وشعرائها وأدبائها، فكلما قرأت لفلسطينيا وقعت بحبها أكثر،
أحبها ولكن…
لم أحظ بفرصة مصادقة شخص واحد يحمل هويتها…
أحب فلسطين ولكن…
ولكني أعجب كيف لأرض جميلة لهذا الحد أن تحمل آلاما متعبة لهذا الحد؟
أحب فلسطين ولكن…
ولكني أخشى أن لا أراها يوما إلا من وراء الشاشات،
أخشى أن لا أراها إلا في الأخبار الحزينة،
أخشى أن لا أتمكن من المشي في شوارعها ليلا والصلاة في مساجدها فجرا والنوم تحت زيتونها ظهرا بعد أن أكون قد غمرت حباتها بكلتا يدي، أخشى أن لا أتذوق زيتها وزعترها وخبزها عشاء، فأنام زاهدة بين أحضانها،
أحبها،
أحب فلسطين ولكن…
لم أسمع يوما زقزقة عصافيرها وصياح ديوكها وأصوات شوارعها وضحكات أطفالها وهم يلعبون عصرا،
أحبها، أحبها ولكن متى أراها؟
متى تطأ قدماي أرض حبيبتي فأشعر بها حسيا كما أشعر بها روحيا؟!
يحدنا العالم الحسي ببشاعته وأحداثه، يضعنا في إطار زمان ومكان محددين، بينما تهيم بنا الروح وتأخذنا أينما شاءت قلوبنا.
تسكن فلسطين قلبي، ساحرة كنسيم فجر تقي، صاخبة كصباحات الأسواق الشعبية، كليالي الصبا في الحانات، هادئة كطفل رضيع في حضن أمه، جميلة كعاشقة هائمة تنظر وجه معشوقها، وقوية… قوية، جبارة كعزيمة مقاتليها كإرادة الأسرى المؤمنين بحتمية الحرية.
أحب فلسطين…
وأشتاقها…
أشتاقها كثيرا.